د/ عبد العليم سعد سليمان دسوقي
رئيس فرع الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة بمحافظة سوهاج- مصر
البحث العلمي هو الأساس في تقدم الأمم ودفع عجلة التنمية في أي دولة. و هناك آراء لانشاء جامعات جديدة متميزة, واعطاء هذه الجامعات اهتماما خاصا من الدولة وتيسيرات غير متوافرة في بقية جامعات الوطن.
وإذا تأملنا الماضي القريب وعلي سبيل المثال بعد ثورة23 يوليو عام1952, نجد أن الدولة أولت التعليم اهتماما خاصا فأنشأت مدارس خاصة للمتفوقين تدعمها الدولة, وتنظر إليها علي أنها ستخرج الأوائل علي الثانوية العامة, وبمرور الوقت وجدنا أن الكثيرين من أوائل الثانوية العامة هم من خارج هذه المدارس التي دعمتها الدولة إذ إنهم تخرجوا في مدارس حكومية, وبعضهم من مدارس الاقاليم والتي لا تحظي باهتمام كبير من الدولة.
وهذا يدل علي أن المتفوقين موجودون في جميع أنحاء الوطن, وليسوا حكرا علي مدارس التفوق
وهناك مثال آخر وهو ما انشأته الدولة من كليات متميزة مثل الكلية الفنية العسكرية في الستينيات وتخصيص ميزانية خاصة بها, ولها بعثاتها الخاصة, مع توفير الأجهزة التعليمية والبحثية لها, وتشجيع الأوائل علي الجمهورية علي الالتحاق بها, وكذلك ايجاد وظائف مناسبة لخريجي هذه الكلية, وبمرور الوقت وجدنا أن المهندسين والعلماء المتفوقين تخرجوا أيضا في المدارس والكليات الحكومية الأخري.
ولذلك فان انشاء كليات أو جامعات خاصة متميزة سيكلف الدولة أعباء مالية باهظة خاصة أن العائد ضئيل, وهنا أحب أن أذكر أن العلماء المصريين الذين تميزوا في الخارج أمثال أحمد زويل ومجدي يعقوب ومصطفي السيد, وغيرهم قد تخرجوا في الجامعات المصرية المختلفة مثل جامعة القاهرة والإسكندرية وعين شمس وغيرها من بقية الجامعات الحكومية, وليسوا من جامعات خاصة مميزة, وأن السبب في تميزهم العلمي هو وجودهم في مناخ علمي سليم, وبيئة علمية صالحة في الخارج.
وهنا أود أن أشير إلي نقطتين مهمتين:
أولا: أن العلماء المصريين الذين تفوقوا في الخارج قد تخرجوا في الجامعات المصرية, ثم عاشوا في الخارج في البيئة العلمية الصالحة للبحث العلمي والتقدم, ولذلك فقد تمكنوا من التفوق والحصول علي الجوائز العالمية.
ثانيا: أن العقليات المصرية المتميزة موجودة في كل جامعة مصرية, ولكن شرط التفوق والنهوض بالبحث العلمي هو توفير المناخ المناسب والبيئة الصالحة للبحث العلمي.
ولذلك أقترح للنهوض بالبحث العلمي في مصر انشاء دوائر للتميز( فريق عمل (Team داخل كل كلية علمية في الجامعات المصرية, ويتولي هذه الدوائر( فريق عمل) أعضاء هيئة التدريس المتميزين علميا (
يتم اختيارهم عن طريق تقييم أبحاثهم وأنشطتهم وإنتاجهم العلمي بواسطة هيئات علمية من الخارج) والتحكيم الخارجي ليس بجديد, فمثلا كلية العلوم بجامعة القاهرة تستعين بأستاذ خارجي لتقييم رسائل الماجستير, وأستاذين لتقييم رسائل دكتوراة الفلسفة بها(ph.D.) وثلاثة أساتذة أجانب من أكبر هيئة علمية في بريطانيا وهي Royal Society لتقييم رسائل دكتوراه العلومD.S.C.
أما طلاب البحث من معيدين ومدرسين مساعدين يتم اختيارهم لدخول دوائر التميز عن طريق اجتيازهم بتفوق امتحاناتGRE,TOEFL كما يحدث في الجامعات الغربية المميزة.مع التمتع بتوفير الأجهزة والمراجع العلمية التي يتطلبها البحث العلمي بسهولة ودون الخضوع للإجراءات البيروقراطية التي تعيق التقدم العلمي,
وأن يكون هناك كادر وظيفي مساعد يقوم علي خدمة هؤلاء العلماء, ويساعدهم علي عدم التعرض لأعباء الحياة اليومية التي تواجه المواطن العادي, وذلك لكي يتفرغوا للبحث العلمي ولهؤلاء العلماء مطلق الحرية لانتخاب رؤسائهم, وتنظيم العمل داخل دائرة التميز.ويكون الحكم هنا تقييم إنجازات كل دائرة من مشاريع وأبحاث علمية كل أربع أو خمس سنوات.
إذ يمكن أن يدخل هذه الدوائر علماء من خارجها, أو يخرج منها بعض العلماء بناء علي التقييم الجاد لإنجازاتهم. وبذلك يتحقق التنافس العلمي الشريف بين أعضاء هيئة التدريس, والباحثين في الجامعات ومراكز البحوث في مصر.وإذا نظرنا إلي العالم من حولنا نجد أن البلاد المتقدمة علميا ينعم فيها العلماء بمناخ علمي صالح, وبيئة علمية مناسبة للتقدم والإبداع.